الأحد، 22 مارس 2015

الأزمة المالية أبرزت أهمية التسويق في تحقيق النمو لدى الشركات


الأزمة المالية أبرزت أهمية التسويق في تحقيق النمو لدى الشركات
في الماضي القريب كانت تتعامل جميع شركات ومؤسسات العالم اجمع مع التسويق بشكله الاعتيادي والمعروف بنمطه الروتيني، ولكن بعد ظهور واستفحال الأزمة المالية العالمية التي أدخلت العالم بمؤسساته المالية والاقتصادية حتى الاجتماعية منه في دوامة كبيرة، غيرت من الخارطة الاقتصادية بشكل جذري في كل مناطق العالم، مما أدى الى تغير ديموغرافي واسع بين سكان العالم، وأصبحت هناك دول طاردة للاستثمار بعدما كانت من أولى الدول في العالم جذبا للاستثمارات، وحلت محلها دول أخرى.
كل هذه التغيرات أثرت في المؤسسات المالية والاقتصادية، وأدخلتها في مأزق وكبدتها أفدح الخسائر، وليس هذا فحسب بل ان اغلب الشركات العالمية أعلنت افلاسها وهي الشركات والمؤسسات التي لم يكن احد يتخيل أنها تفلس يوما ما. وفي ظل هذه الظروف، فان الجميع اصبح متخوفا وغير مؤمن بقدرة تلك المؤسسات وتمكنها من العبور من تلك المحنة الى شط الأمان، أو النهوض مرة أخرى بنفس المستويات التي كانت عليها في الماضي، لذلك احتاجت تلك المؤسسات الى طرق وأساليب تسويقية لها بشكل جديد ومغاير عما سبق ان عهده السوق من قبل. وأصبح التسويق أهم ادارة في كل الشركات والمؤسسات، وأصبح المحرك لمنتجات الشركات سواء كانت مالية أو تجارية، ولم يقتصر التسويق الحديث على كيفية ترويج المنتجات فقط بل تعدى ذلك الى كيفية خلق الفرص واقتناصها.
ومن هذه المنطلق الجديد يوضح عميد التسويق العالمي د. فيليب كوتلر في احد كتبه الذي صدر حديثا أهمية التسويق في زيادة أرباح الشركات، وأهمية التسويق الذي لم يعد أيضا يقتصر على جني الربح للمؤسسات بل يتعداه الى العميل نفسه في كيفية حماية استثماراته من الخسائر. فالتسويق الآن أصبح أكبر مما سبق، فهو المحرك الفعلي للاقتصاد العالمي، اي بمعنى أدق هو البوصلة الموجهة له.
كما يوضح عميد التسويق العالمي استراتيجيات التسويق الحقيقية في ظل التغيرات العالمية، ويبين أهمية التسويق في صنع الفرص وايجادها، فالتسويق الجيد يفيد المجتمع قبل المؤسسة، والتسويق الرديء يضر بالمجتمع قبل المؤسسة. فالتسويق يعني اقتناص الفرص الحقيقية المفيدة للجميع وفتح آفاق عالمية للاستثمار، وهذا يرجع من دون شك بالفائدة على الجميع.

أكد فيليب كوتلر في احد ابرز كتبه الصادرة مؤخرا عن احدى دور النشر أن الشركات تحتاج الى النمو اذا كانت تريد جذب المواهب وتوجد فرص التقدم الوظيفي وترضي المساهمين فيها وتنافس بطريقة أكثر فعالية.
وفي هذا السياق عبر وين كاوواي الرئيس التنفيذي CEO لشركة بيبسي كولا ببراعة عن موضوع النمو بقوله : «ان النمو هو أكسجين محض. انه ينشئ مؤسسة حيوية ومتحمسة، حيث يرى الناس فرصاً حقيقية. انهم يأخذون فرصاً أكبر وبذكاء أكثر. بتلك الطريقة يكون النمو أكبر من دافعنا المالي الوحيد الأعظم أهمية، كما انه جزء أساسي لثقافة شركتنا. هو السبب لرغبة الكثيرين من القادة الموهوبين للعمل في شركة بيبسي كولا بدلاً من العديد من الشركات الجيدة الأخرى».
افتراضات خاطئة
وعن الكيفية التي ينظر بها اغلب الرؤساء التنفيذيين CEOs إلى التسويق وفقا لافتراضاتهم الخاطئة يقول كوتلر إن كثيرا من الرؤساء التنفيذيين تذهلهم درجة الفشل العالية لشركاتهم في مجال المنتج الجديد وارتفاع تكاليف الإعلان والبيع وثبات أو تدهور أسعار الأسهم وتدني الهامش الإجمالي والمؤشرات الأخرى للأداء الضعيف في السوق، وغالباً ما ينتقون مجموعة البيع والتسويق في الشركة كضحية لذلك، وما يؤكد ذلك نتائج بعض المقابلات مع عدد من الرؤساء التنفيذيين، ففي عام 1993 قامت شركة كوبرز ولاي براند بإجراء مسح للرؤساء التنفيذيين في مائة شركة رأى العديد منهم ان إدارة التسويق لديهم غير مركزة ومتخمة أكثر من اللازم.
ونشرت شركة ماكينزي وشركاه تقريرا أكدت فيه ان العديد من الرؤساء التنفيذيين يرون إدارات التسويق في شركاتهم «غير خيالية وأنها قليلا ما تأتي بأفكار جديدة ولم تقم بدورها المطلوب». وفي العام نفسه أصدرت شركة ألن وهاميلتون تقريراً حذرت فيه مما يعتقده الرؤساء التنفيذيون من أن «مديري العلاقات التجارية فاشلون في التعامل الصحيح مع الوقائع التجارية».
نظريتان خاطئتان
وكشف كوتلر عن شيوع وانتشار نظريتين عن التسويق، ولكنهما خاطئتان، فالنظرية الأولى هي ما يسمى بـ«التسويق هو البيع»، وتعد من أكثر أنواع البلبلة شيوعاً لكونها تنظر إلى التسويق والبيع على أنهما شيء واحد، خاصة انها لا تقتصر على الكثيرين من عامة الناس، بل تتعدى ذلك لتشمل العديد من رجال الأعمال. والصحيح ان البيع بالطبع جزء من التسويق، غير أن التسويق يشمل أشياء أكثر من البيع.
أما النظرية الثانية فتقول بأن التسويق عبارة عن إدارة في الأساس، وهي بذلك نظرة قاصرة أخرى عن التسويق لكونها تعتبر أن التسويق في الأساس إدارة أخرى من إدارات الشركة. صحيح أن للشركات إدارات للتسويق يتم فيها الكثير من التفكير التسويقي، لكن إذا تم تخصيص عمل التسويق واتجاهاته في هذه الإدارة فقط، فستترنح الشركة بشكل سيئ. قد يكون للشركة أعظم إدارة للتسويق والبيع في مجال عملها ولكنها تفشل في السوق. يقول ديفيد باكارد الشريك المؤسس لشركة هيوليت باكارد بتعقل: «إن التسويق مهم بدرجة أكبر من أن يترك لإدارة التسويق فقط».
تلبية الاحتياجات
وعن التنافس ودور التسويق يقول كوتلر إنه يجب على كل الإدارات أن تركز على كسب اختيار العميل في الأسواق ذات التنافس العالي. ويتوجه جاك ويلش الرئيس التنفيذي لشركة جنرال إلكتريك الى موظفيه بالقول: «إن الشركات لا تستطيع أن تمنح الأمان الوظيفي. العملاء فقط يستطيعون ذلك». إنه يجعل موظفيه على وعي تام بأثرهم على رضا العميل والمحافظة عليه، بصرف النظر عن إداراتهم. معنى ذلك: إذا لم تفكر في العميل، فإنك لا تفكر.
أنواع التسويق
وبشأن أنواع التسويق يقول كوتلر إنها نوعان، استجابي واستباقي، ويعرف التسويق الاستجابي بأنه عملية «اكتشاف الاحتياجات وسدها»، وهذا شكل ممدوح من أشكال التسويق عندما تكون هناك حاجة حقيقية واضحة وعندما تحددها بعض الشركات وتعد حلاً معقولاً.
أما الاستباقي فإنه عمل فذ آخر وحاصله أن تعرف احتياجات ناشئة حديثاً أو خفية. فعندما تدهورت جودة المياه في العديد من الأماكن، فعلى سبيل المثال كان ايفيان Avian وبيريه Perrier سبّاقين الى معرفة تنامي سوق مياه الشرب المعبأة في قارورات.
مستوى رفيع
ويرى كوتلر أن هناك مستوى جريئا للتسويق يقوم بتشكيل الاحتياجات وتلبيتها، وهو الأمر الذي يحدث عندما تقوم شركة بعرض منتج أو خدمة لم يطلبها أو حتى يفكر فيها أحد. فعلى سبيل المثال لم يطلب احد في الخمسينات مسجل سوني المحمول، أو مسجل يونس بيتاماكس أو قرص سوني 3.5 بوصات.. ربما يكون أحسن تلخيص للفرق بين المسوقين المستجيبين وأولئك الذين يستبقون أو الذين يشكلون الاحتياجات أنه مثل الفرق بين الشركة التي يقودها السوق والشركة التي تقود السوق.
ويستنتج كوتلر إن اغلب الشركات يقودها السوق، على أحسن الفروض، وهو في حد ذاته تقدم على الشركة التي يقودها المنتج. وتركز الشركات التي يقودها السوق على إجراء البحوث عن العملاء الحاليين لتحديد مشاكلهم وجمع أفكار جديدة وليختبروا تحسينات المنتج المقترحة والتغييرات في مزيج التسويق، حيث ينتج عن مجهوداتهم تحسينات متصاعدة وليس اختراعات جذرية.
سعة السوق
وحول سعة السوق يطرح كوتلر تساؤلا مفاده إن أحد القرارات المهمة الذي يجب أن تتخذه شركة ما هو كيف تعامل السوق بتناسق؟ من ناحية قصوى نقول التسويق للعامة mass marketing، حيث تعرض الشركة منتجاً أو خدمة نمطية لكل السوق. هكذا تريد شركة الكوكا كولا أن يكون مشروبها المشهور في متناول يد أي شخص. وتفرض شركة كوداك أن صندوقها الأصغر المشهور وبداخله الفيلم، سيرضي أي شخص لالتقاط صور. وعلى مستوى أقل فخامة نجد شركات تمارس سياسة التسويق المستهدف إذ إنها تصمم المنتجات أو الخدمات لجزء واحد أو أكثر من السوق بدلاً من تصميمها لكل السوق.
التسويق الجماعي
وبخصوص التسويق الجماعي يقول كوتلر إن الثروة الصناعية أعلنت قدرة المصانع على الإنتاج الجماعي والتوزيع الجماعي والإعلان الجماعي للمنتجات العامة مثل الصابون ومعجون الأسنان والمشروبات والأطعمة. ورغم أن العديد من تلك المنتجات كانت تباع أصلاً بالجملة، إلا أن عدداً منها أصبح يعبأ ويحمل علامات تجارية كما ان المنتجين يستعملون الإعلان الجماعي قبل البيع للعملاء ليطلبوا علاماتهم التجارية (سلعهم) وبالتالي يكون لدى تجار التجزئة مخزون منها.
وفي المقابل فإن فيليب يرى بأن التنبؤ بسقوط التسويق الجماعي سابق لأوانه نوعاً ما. ففي الاتحاد السوفيتي السابق، حيث كان المواطنون يحرمون من السلع الجيدة لفترة سبعين عاماً. خلق التحول من اقتصادات السوق المخططة (الموجهة) إلى اقتصادات السوق الحر، فرصة ذهبية للأسواق الجماعية. حيث اندفعت شركات مثل ماكدونالدز وبورتر أند غامبل بمنتجاتها الجماعية وبدأت تجذب مستهلكين كثيرين شغوفين بشراء علامتها المعروفة جيداً.
ويرى كوتلر أن البيع الجماعي ينمو سريعا في الكثير من أنحاء العالم، مثل إندونيسيا والهند والصين، كفرصة واعدة لملايين الناس ليكسبوا أموالا أكثر بل ليصبحوا أثرياء. غير أن فيليب يعتقد أن البيع الجماعي (الإجمالي) أسيء استعماله بواسطة بعض الشركات التي تبالغ في تقدير العائدات المحتملة و/أو تنتج بعض المنتجات رديئة النوع والتي لن يشتريها أحد من الموردين حيث تسمى مثل هذه السلع «مشروعات البيع الهرمية»، ويجب أن تميز بينها وبين الشركات التي تنتج السلع الجيدة والمعروفة والصادقة التي تبلغ بالجملة، وتمارس ما يسمى «التسويق الشبكي» أو تسويق المستويات المتعددة.
خطوات أساسية
يحدد الكتاب بعضا من الخطوات الأساسية للتسويق الفعال حيث تبدأ الخطوة الأولى بالبحوث ويرمز لها بالحرف R لأن البحوث في التسويق تكشف عن الكثير من أجزاء السوق ويرمز لها بالحرف S والتي تتكون من عملاء مختلفي الاحتياجات، وتكون الشركة رشيدة إذا استهدفت فقط تلك الأجزاء التي تستطيع إشباعها بطريقة رفيعة ويرمز للأهداف بالحرف T، وعلى الشركة أن تعرض صورا لكل جزء أو شريحة من السوق من معروضاتها ومنتجاتها حتى يتمكن العملاء المستهدفون من تقدير اختلاف معروضاتها عن معروضات المنافسين ويرمز للصور بالحرف P. وهكذا تمثل STP (تجزئة السوق والاستهداف وتثبيت صورة المنتج) تفكير الشركة الاستراتيجي في التسويق. وبعد ذلك تقوم الشركة بتطوير مزيج من تسويقها التكتيكي ويرمز لهذه العملية بالحرفين MM الذي يتكون من مزيج القرارات عن المنتجات والسعر والمكان والترويج. بعد ذلك تنفذ الشركة مزيج التسويق ويرمز لهذه المرحلة بالحرف I. وأخيراً تقوم الشركة بمعايير الرقابة C لتراقب وتقيم النتائج وتطور استراتيجية التجزئة والاستهداف وتثبيت صورة المنتج STP وتكتيكات مزيج التسويق MM.
البحوث البداية
ويقول كوتلر إن البحوث هي نقطة البداية بالنسبة للتسويق ومن دون بحوث، تدخل الشركة السوق مثل الرجل الأعمى. هناك قصة عن منتج أحذية من هونغ كونغ يتساءل إذا ما كان هناك سوق لأحذيته في جزيرة بعيدة في المحيط الباسيفيكي، حيث تقود البحوث الشركة إلى معرفة أمزجة المشترين في أي سوق يختلفون عادة في احتياجاتهم وتصورهم واختياراتهم المفضلة، فالنساء يحتجن إلى أحذية مختلفة عن أحذية الرجال، والبدينون يحتاجون إلى أحذية مختلفة عن أحذية النحفاء. وعندما تدخل الموضة سوق الأحذية، يتوسع التفضيل بدرجة أكبر كنتيجة للاختلاف في الدخل والتعليم والذوق. لذلك يجب على الشركة أن تثبت صورة Position منتجاتها بحيث يعرف عملاؤها المستهدفون الفوائد الرئيسية لمنتجاتها المعروضة للبيع. فشركة فولفو للسيارات ثبتت صورة سياراتها على أساس أنها أكثر السيارات أماناً. لأنها تدعم تثبيت تلك الصورة في أذهان العملاء عن طريق تصميم السيارة والاختبارات التي تجريها للسلامة والإعلان عنها.... الخ.
ويعني تثبيت صورة المنتج positioning في أذهان العملاء ذلك المجهود الذي يرسخ أهم فوائد المنتج في أذهان العملاء. ويجب على مسوقي الشركة أن ينتقلوا بعد ذلك إلى مرحلة التسويق التكتيكي، ويجهزون أدوات المزيج التسويقي MM الذي يدعم ويوصل تثبيت صورة المنتج في أذهان العملاء.
التنفيذ
في هذه المرحلة، يمكن أن تحدث كل أنواع مشكلات التنفيذ. كأن تريد إحدى شركات القهوة - على سبيل المثال - إنتاج قهوة «غنية وقوية وذات مذاق منشط». إدارة تطوير المنتج يلزمها عدة أشهر لتجد خليطاً من القهوة ذا مذاق، يقولون إن مذاق القهوة موافق لما وصفت به. أثناء التنفيذ، ربما تدعي إدارة الإنتاج أن تركيبة القهوة لا يمكن إنتاجها على نطاق واسع أو يمكن، ولكن بتكلفة عالية جداً. ربما ترفع إدارة المشتريات تقريراً تذكر فيه أن سعر نوع معين من البن عال بالقدر الذي لا يمكن بموجبه المطالبة بالسعر المستهدف دائماً.
الرقابة
النقطة الأخيرة في عملية التسويق هي الرقابة، فالشركات الناجحة هي المتعلمة لأنها تجمع التقنية الراجعة من السوق وتراجع وتقيم النتائج وتقوم بالإصلاحات التي يتم تصميمها لتحسين أدائها. فالشركة التي تفشل في تحقيق أهدافها، ربما تتعلم أن ذلك الخطأ يقع من عوامل مزيج السوق الأربعة Ps أو ربما بطريقة أساسية أكثر على تجزئة السوق أو الاستهداف أو تثبيت صورة المنتج في أذهان العملاء. كما يعمل التسويق الجيد وفق مبدأ علم الضبط cybernetic الذي يقود المركب بالسيطرة الدائمة على موقعها بالنسبة إلى الجهة التي تريد الوصول إليها.

المنتج Product: وهو ما يعرضه السوق نفسه، خاصة المنتج والتغليف ومجموعة الخدمات التي يتحصل عليها المشتري عند شراء المنتج.
السعر Price: ويعني سعر المنتج بالإضافة إلى الرسوم الأخرى مقابل التوصيل والصريح.... الخ.
المكان أو التوزيع place: الترتيبات التي تعمل على جعل المنتج في متناول المشتري ووصوله الى السوق المستهدف.
الترويج promotion: وهو نشاطات الاتصال مثل الإعلان وترويج المبيعات والبريد المباشر واعلانات التنوير والاغراء او تذكير السوق المستهدف بخصوص تواجد المنتج وفوائده.